المسيرة الخضراء: ملحمة التحرير السلمي للصحراء لاسترجاع الصحراء المغربية
مقدمة
تعتبر
المسيرة الخضراء محطةً فارقةً في التاريخ المغربي، حيث جسدت الروح الوطنية العميقة
و الإرادة الصلبة للشعب المغربي لاسترجاع أراضيه في الصحراء المغربية، حيث أطلق
الملك الراحل الحسن الثاني هذه المبادرة في عام 1975، مؤكدًا أن المغرب قادر على
تحقيق أهدافه بطرق سلمية و مبتكرة، بعيدًا عن العنف و القوة، كانت المسيرة الخضراء
رمزًا للوحدة الوطنية و تلاحم الشعب المغربي من شمال البلاد إلى جنوبها، و مثالاً
حيًا على القوة الناعمة في تحقيق السيادة.
الفكرة و التخطيط
في
بداية السبعينيات من القرن الماضي، كانت منطقة الصحراء المغربية تحت الحكم
الإسباني، و كانت تعد قضية وطنية كبرى، و شكّلت مصدرًا لتوتر العلاقات المغربية
الإسبانية، و مع تنامي المطالبات المغربية باستعادة أراضيه، اقترح الملك الحسن
الثاني فكرة المسيرة الخضراء كوسيلة سلمية، و بأسلوب غير تقليدي لاسترجاع الصحراء.
بدأ
التخطيط لهذه المسيرة بأسلوبٍ منظم و دقيق، حيث تمت تعبئة 350 ألف مواطن مغربي من
مختلف أنحاء البلاد، من رجال و نساء و أطفال، للتوجه نحو الصحراء المغربية حاملين
المصاحف و الأعلام الوطنية، جاء اختيار الرقم ليعكس حجم سكان المنطقة الصحراوية و يبرز
حجم التأييد الشعبي، و تم إعداد المشاركين نفسيًا و لوجستيًا للمسيرة، مؤكدين على
مبدأ السلمية، إذ لم يحمل أي من المشاركين السلاح.
معطيات عامة حول المسيرة الخضراء
- التاريخ: انطلقت المسيرة في 6 نوفمبر 1975.
- عدد
المشاركين: ضمت
350 ألف مواطن، منهم 10% من النساء.
- المكان: انطلقت من طرفاية، متجهةً نحو
الصحراء المغربية المحتلة.
- الرموز: حمل المشاركون المصاحف كرمز
للسلم، إلى جانب الأعلام المغربية، تعبيرًا عن الروح الوطنية و الوحدة.
نشيد المسيرة الخضراء و قسمها
رافق
المسيرة نشيد وطني قوي يُعرف بـ"نشيد المسيرة الخضراء" أو "نداء
الحسن"، الذي شدد على معاني التضحية و الوفاء للوطن، هذا النشيد الوطني كان
له دور كبير في رفع الروح المعنوية للمشاركين و تعزيز الوحدة، حيث كانت كلماته
تعبر عن العزيمة الصلبة و الإصرار على استرجاع الأراضي المغربية سلمياً، كلمات
النشيد أصبحت رمزية و عاشت في ذاكرة المغاربة كرمز من رموز التضحية و الوحدة.
إلى
جانب النشيد، كان قسم المسيرة من اللحظات البارزة، إذ أقسم المشاركون على
الوفاء للوطن و للقضية الوطنية، و الاستعداد للتضحية من أجل استرجاع الأراضي
المغربية، القسم أضفى على المسيرة روح الالتزام و عمق المعنى الوطني، حيث شكل هذا
القسم دليلاً على أن الشعب المغربي مستعد لتحمل مسؤولياته الوطنية بصدق و إخلاص، و
كان نصه الذي أداه المشاركون في هذه المسيرة :
" أقسم بالله العلي العظيم أن أبقي وفيا لروح المسيرة الخضراء، مكافحا عن وحدة وطني من البوغاز إلى الصحراء ، أقسم بالله العلي العظيم أن ألقن هذا القسم أسرتي و عترتي، في سري و علانيتي ، و الله سبحانه هو الرقيب على طويتي و صدق نيتي."
الأهداف و النتائج
الأهداف
كانت
المسيرة الخضراء تهدف بشكل رئيسي إلى إنهاء الاستعمار الإسباني للصحراء المغربية،
و تأكيد حق المغرب التاريخي و السيادي على هذه الأراضي، و من الأهداف الأخرى
للمسيرة:
1.
تأكيد السلمية: المسيرة كانت رسالة للعالم أجمع عن التزام المغرب بالسلام و نبذ
العنف.
2.
تعزيز الوحدة الوطنية: توحيد الشعب المغربي خلف قضيته الوطنية، و تأكيد أن الصحراء
جزء لا يتجزأ من المغرب.
3.
دعم الحق التاريخي: إثبات حق المغرب التاريخي في الصحراء، و توجيه رسالة للمجتمع
الدولي بأهمية هذه القضية للشعب المغربي.
النتائج
حققت
المسيرة الخضراء نتائج مهمة على الصعيدين الوطني و الدولي، حيث كانت خطوة حاسمة
نحو إنهاء الاستعمار الإسباني في الصحراء المغربية، و أفضت إلى توقيع اتفاقية
مدريد في 14 نوفمبر 1975، التي تم بموجبها انسحاب إسبانيا من الصحراء، ما مكن
المغرب من استرجاع سيادته على أراضيه.
- على
الصعيد الوطني: عززت المسيرة الوحدة الوطنية، و زادت من ارتباط الشعب
المغربي بقضيته، و تحولت إلى ذكرى سنوية تحتفل بها الأجيال تعبيرًا عن الوفاء
للوطن.
- على
الصعيد الدولي: أثبتت المسيرة أن المغرب قادر على استرجاع حقوقه بطرق
سلمية، و أكسبته دعمًا و تأييدًا من العديد من الدول.
الخاتمة