ضريح موسولوس في هليكارناسوس: خامس عجائب الدنيا السبع

 ضريح موسولوس في هليكارناسوس: خامس عجائب الدنيا السبع

مقدمة

يعتبر ضريح موسولوس في هليكارناسوس واحداً من عجائب الدنيا السبع القديمة، و يعد من أبرز الأمثلة على الفن و العمارة في العصور القديمة، قامت ببنائه الملكة أرتميسيا تكريماً لزوجها الملك موسولوس، و قد أصبح هذا الضريح نموذجاً يُحتذى به في العمارة الجنائزية عبر العصور، في هذا المقال، سنستعرض تاريخ الضريح و معطياته التقنية و الرقمية و تأثيره على العمارة و الثقافة.

خلفية تاريخية

يقع ضريح موسولوس في مدينة هليكارناسوس القديمة، و التي تُعرف اليوم بمدينة بودروم في تركيا، بدأ بناء الضريح في حوالي عام 353 قبل الميلاد بعد وفاة الملك موسولوس، حاكم إقليم كاريا في الإمبراطورية الفارسية، و كانت أرتميسيا زوجة موسولوس و شقيقته، مصممة على بناء ضريح يليق بذكرى زوجها و يعكس عظمته و قوته.

التصميم و العمارة

كان تصميم الضريح مزيجاً رائعاً من التأثيرات اليونانية و المصرية و الليدية، تميز بقاعدته المستطيلة التي يبلغ ارتفاعها حوالي 45 متراً، و كان مبنياً من الرخام الأبيض الفاخر، كان الضريح يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية:

1.     القاعدة:  كانت تتكون من منصة مرتفعة، مزينة بنقوش بارزة تصور مشاهد من الأساطير اليونانية و المعارك الحربية، كانت هذه النقوش تعمل على توثيق عظمة موسولوس و أعماله البطولية.

2.     المزار:  الجزء الأوسط كان عبارة عن مبنى مستطيل الشكل يحتوي على غرفة الدفن، كانت هذه الغرفة مزينة بنقوش و زخارف غنية، و تعكس مزيجاً من الأساليب المعمارية المختلفة، كانت الأعمدة الأيونية تزين واجهة المزار، مما يضفي عليه جمالية خاصة.

3.     السقف الهرمي:  كان السقف يشبه الهرم، و يتكون من 24 طبقة من الأحجار المتراكبة، و على قمة السقف كان يوجد تمثال ضخم لموسولوس و أرتميسيا يركبان عربة تجرها أربعة خيول، مما يرمز إلى انتصاراتهما و عظمتهما.

المعطيات التقنية

·         المواد المستخدمة: استخدم المهندسون المعماريون مجموعة متنوعة من المواد الفاخرة، بما في ذلك الرخام الأبيض الذي جُلب من منطقة باريان اليونانية، مما منح الضريح بريقاً خاصاً.

·         النقوش و الزخارف: زُين الضريح بنقوش بارزة تمثل مشاهد من الأساطير اليونانية، و معارك البحارة و المقاتلين، و أعمال موسولوس البطولية، قام بنحت هذه النقوش مجموعة من أشهر النحاتين في ذلك الوقت، مثل سكوباس و براكسيتيليس.

·         الأبعاد: بلغت أبعاد الضريح حوالي 40 مترًا طولًا و 30 مترًا عرضًا، و ارتفاعه الكلي حوالي 45 مترًا، مما جعله يُعتبر إنجازًا هندسيًا مذهلًا في ذلك العصر.

تأثير الضريح على العمارة و الثقافة

أثر ضريح موسولوس بشكل كبير على العمارة الجنائزية في العصور اللاحقة، حيث أصبح يُعتبر نموذجًا يحتذى به في تصميم الأضرحة الملكية و النصب التذكارية، و من أبرز الأمثلة على ذلك، الضريح المشهور في تيفولي بإيطاليا و ضريح الإسكندر الأكبر.

حالة الضريح في الوقت الحاضر

على الرغم من أن ضريح موسولوس لم يبق قائماً حتى اليوم، إلا أن أثاره ما زالت تحمل ذكريات عظيمة، تعرض الضريح للدمار بسبب سلسلة من الزلازل التي ضربت المنطقة في العصور الوسطى، و استخدمت أحجاره في بناء قلعة بودروم من قبل فرسان القديس يوحنا في القرن الخامس عشر.

الحفريات و الأبحاث الأثرية

بدأت الحفريات الأثرية في موقع الضريح في أواخر القرن التاسع عشر على يد العالم الأثري تشارلز نيوتن، حيث اكتشف نيوتن العديد من بقايا النقوش و التماثيل التي كانت تزين الضريح، و نُقلت بعض هذه القطع إلى المتحف البريطاني في لندن حيث تُعرض حتى اليوم.

الختام

يُعتبر ضريح موسولوس في هليكارناسوس رمزاً رائعاً للتقنيات المعمارية و الفنية في العالم القديم، على الرغم من أن الضريح لم يصمد أمام الزمن، إلا أن تأثيره الثقافي و المعماري ما زال ملموساً، و تظل ذكرى هذا الضريح العظيم دليلاً على براعة الإنسان و قدرته على تكريم العظماء بطرق تتجاوز الزمان و المكان.

المصادر

·         موسوعة التاريخ القديم.

·         الأبحاث الأثرية لتشارلز نيوتن.

·         المتحف البريطاني، لندن.

يُظهر ضريح موسولوس براعة الحضارات القديمة في المزج بين الفن و الهندسة، و يمثل إرثاً خالداً يواصل إلهام الأجيال حتى اليوم.

تعليقات